يختلف الموت جوعاً في حالة الشخص الذي يتوفى نتيجة الحرمان من الغذاء، عن الصوم الإرادي الطوعي عن الطعام والشراب، حتى في حالة صيام الشخص المريض، فإن الصوم لا يُفضي إلى الموت والهلاك، وانطلاقاً من الاختلاف الجذري بين الحالتين، درس أطباء أجانب التغييرات العضوية والكيماوية، التي يحدثها كل من الموت جوعاً والصوم على الجسم، وخلصوا إلى أن الموت جوعاً يؤدي إلى فقدان 71 في المئة من وزن الدم، و56 في المئة من وزن الكبد، و63 في المئة من وزن الطحال، و30 في المئة من وزن العضلات، و91 في المئة من وزن الشحوم في الجسم، في حين يُصاب البنكرياس بالضمور والتصلب ولا تختلف التأثيرات بالنسبة لبقية الأعضاء والأجهزة.

حجم الدم

واكتشف الأطباء، وبحسب ما استعرض الدكتور شيلتون؛ نتائج أبحاثهم في كتابه “التداوي بالصوم”، أن حجم الدم يبقى ثابتاً في أثناء الصوم، وأن النقص النسبي، الذي يحدث للدم خلال الفترة الأولى من شهر الصوم يتناسب مع نسبة نقص الوزن، حيث يبقى في النهاية حجم الدم ثابتاً، ومن الناحية الكيفية فإن عدد كريات الدم الحمراء يزداد في بداية الصوم ثم يعود إلى الحد الطبيعي، ودفعت التأثيرات الإيجابية للصوم على الدم ببعض الأطباء، إلى الاستفادة منه في علاج حالات مختلفة مصابة بفقر الدم.

ووجد الأطباء أن الاحمرار الخفيف، الذي يطرأ على لون الجلد والنعومة التي تستجد على ملمسه، نتيجة عودة النشاط للجلد بفعل الصوم، كما لاحظوا أن الصوم يؤدي إلى اختفاء البقع الصبغية والتجاعيد من على الجلد، وأشار الأطباء إلى عدم عثورهم على أي دليل يبرهن على تأثير الصوم سلباً في عظام الجسم، إذ تستمر العظام في النمو بشكل طبيعي خلال الصوم، وأثبتت تجاربهم أن الأسنان لا يمكن أن تُصاب بالاختلال في أثناء الصوم؛ بل على العكس يحسّنها الصوم، كما خلصوا إلى أن الدماغ يبقى محافظاً على وزنه ووظائفه خلال الصوم ولا تتأثر الوظائف مهما طالت فترة الصوم.

شفاء الدرن

واكتشف الأطباء أن تكوين الكبد لا يعتريه أي نقصان، والنقص الذي يحدث بفعل الصوم ناتج من فقدان الجليكوجين والماء المخزنين في الكبد واستخدامهما في عملية التغذية، ووجدوا أن وزن الكليتين يبقى ثابتاً تقريباً في أثناء الصوم، خصوصاً لدى صغار السن، وكذلك البنكرياس، وأن الرئتين تخسران قليلاً من وزنهما لكن في المقابل يساعد الصوم وخلال فترات قصيرة على الشفاء من بعض الأمراض كالدرن.

وبالنسبة للتغييرات الكيماوية، وجد الأطباء أن جسم الصائم لا يفقد المعادن والمركبات غير العضوية بسهولة التي يفقد فيها مكوناته العضوية، فالجسم يفقد المكونات العضوية، مثل: السكريات والدسم وبعض البروتينات أولا وبسهولة في عمليات التغذية، أما المعادن والعناصر المماثلة فيحتفظ بها لفترة أطول، وكلما كان المعدن مهماً بالنسبة للجسم مثل عنصر الحديد تضاءلت نسبة فقدانه في أثناء الصوم، وفي المحصلة ومقارنة بحالة الموت جوعاً القائمة على الحرمان من الطعام، التي قد تتشابه مع الصوم في هذه الناحية، فإن الصوم يفيد جسم الصائم بفوائد إعجازية دون أن يشعر بها، وقد اكتشف الأطباء بعضها في أبحاثهم.