كشفت مصادر بأن الاجتماع الذي عقد بين نوري المالكي ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ينذر بالمشروع الايراني الذي يهدف الى نشر الفوضى وذلك تمهيداً للهيمنة على العراق.
ويتخوف النظام الإيراني، الذي يرتكز على حتمية إطاعة الولي الفقيه على الصعيد الديني والدنيوي، من أن تشكل الإجراءات الأخيرة التي أطلقتها الحكومة بمباركة البرلمان لمحاربة الفساد، عائقا أمام استمرار هيمنته على العراق، لذا يعرب ناشطون عن مخاوفهم من محاولة طهران توحيد صف حلفائها لوأد حزمة الإصلاحات.
وطيلة الأعوام الماضية، أمعن المرشد الأعلى عبر وكلائه المحليين في العراق، وعلى رأسهم المالكي زعيم حزب الدعوة، وتحت إشراف ذراع طهران في المنطقة قاسم سليماني، في تفتيت المؤسسات، ليحصد العراقيون الفوضى والتشرذم والانقسام المذهبي والفساد، بالإضافة إلى عنف مستمر ناجم عن انهيار الدولة.
وبعد أن انفجر الغضب الشعبي من جراء تردي الخدمات الأساسية وتفشي العنف في البلاد، سعت حكومة العبادي إلى احتواء الاحتجاجات عبر حزمة إجراءات واكبها إحالة البرلمان تقرير يحمل المالكي، الذي تولى رئاسة الحكومة من 2006 إلى 2014، مسؤولية سقوط الموصل بقبضة متشددي “تنظيم الدولة”.
وفي وقت كانت الأوساط العراقية تتساءل عن مصير المالكي، الذي كان في طهران حين صدر تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، عاد الأخير إلى بغداد في خطوة تشير إلى أنه فوق المساءلة، ليأتي الاجتماع مع العبادي والجعفري وعمار الحكيم ليؤكد على أن طهران لن تتنازل بسهولة عن المكاسب التي حققتها بعد عام 2003.
ويؤكد مراقبون أن طهران ستسعى جاهدة للحفاظ على مشروعها التوسعي، الذي يرتكز على نشر الفوضى وضرب الأمن والاستقرار، في العراق وعدة دول عربية أخرى على غرار لبنان وسوريا وفلسطين، حيث أوكلت هذه المهمة إلى الميليشيات الموالية لها، على غرار حزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد في غزة.
وسعت إيران إلى إبقاء الجبهة الداخلية في سوريا مشتعلة لضرب ما تبقى من مؤسسات، عبر الدفع باستمرار النزاع السوري الذي أخذ طابعا مذهبيا بفضل دعم طهران للرئيس السوري بشار الأسد وقتال حزب الله وميلشيات عراقية إلى جانب القوات الحكومية ضد فصائل مسلحة معارضة، بعضها يرفع شعارات متشددة.
كما تعمل، وفي محاولة للضغط على المجتمع الدولي بغية تعيينها كشرطي في المنطقة، على إشعال جبهة الجولان مع إسرائيل عبر إعطاء الأوامر لوكلائها لشن هجمات غير مجدية، على غرار الصواريخ الأخيرة التي سقطت على الأراضي السورية المحتلة، في هجوم اتهمت فيه تل أبيب “حركة الجهاد الإسلامي” في غزة.
وغزة قبل نحو 8 أعوام، كانت شاهدة على مخطط إيراني آخر لنشر الفوضى والتشرذم، حيث استخدمت لهذا الغرض حركة حماس التي أعلنت الحرب على السلطة الشرعية الفلسطينية ليصبح للفلسطينيين الباحثين عن دولة “دويلتين”، مما شكل إحدى أبرز الضربات للقضية الفلسطينية التي تدعي طهران الدفاع عنها.
وعلى غرار الفوضى والانقسام في العراق ولبنان وفلسطين، عمل النظام الإيراني على تعميق الهوة بين السوريين وضرب النسيج الوطني، حيث تحولت الأزمة من ثورة ضد النظام “البعثي” الشمولي إلى حرب أهلية، استخدمت فيها مفردات مذهبية كانت غائبة لسنوات طويلة عن قاموس المجتمع السوري.
وامتدت الذراع الإيرانية إلى اليمن، حيث استخدمت جماعة أنصار الله بقيادة عبدالملك الحوثي، الذي ينتمي إلى أسرة تعتنق المذهب الزيدي، والرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي كانت طهران في السابق تصفه بالديكتاتور، لضرب مؤسسات الحكومة والجيش، ونشر النزاع المذهبي والقبلي بهدف إحكام قبضتها على البلاد.
وأمام تمدد طهران باليمن، وقفت دول عربية، على رأسها السعودية والإمارات ومصر، لدعم الشرعية في اليمن في خطوة من شأنها لجم المشروع الإيراني الذي حاول أيضا المس بأمن البحرين من خلال جماعات إرهابية مرتبطة بالحرس الثوري، وضرب استقرار الكويت حيث أعلن أخيرا عن ضبط شبكة مرتبطة بحزب الله؟
ويبدو أن المشروع الإيراني الرامي لنشر الفوضى والعنف في الدول العربية يتقاطع، عن قصد أو غير قصد، مع أهداف الجماعات المتشددة، على غرار القاعدة وتنظيم الدولة، التي، ورغم مجاهرتها بالعداء لطهران، حصرت عملياتها الإرهابية في أراضي بعض الدول العربية والغربية، مستثنية، بشكل مريب، إيران من هجماتها.